المستحمات . متحف اللوفر .

وموضوع "المستحمّات" الذي عادة ما يضمّ رهطاً من العاريات ضمن منظر خلوي، والذي انتظم من قبل صور الحوريات أثناء استحمامهن، وديانا في حمامها، وكذا الصور التـَـوْراتية مثل "سوسنة في الحمام" و"بتشابع في الحمام" إلى غير ذلك، هو موضوع قديم مطروق في فن التصوير تناوله فراجونار في لوحة المستحمات (لوحة 107) بقريحة وقـّـادة وحماسة مشبوبة وحيوية مذهلة. وإذا كان مآل هذه اللوحة إلى الأثرياء من هواة هذا اللون الزخرفي الحسـّـي الساعين وراء مباهج الحياة والمرح الصاخب، فلقد عـُـدّت هـذه اللوحة رمزاً للذوق الفني الفرنسي آنذاك. ونلمس فيها الإيقاع السريع للمسات الفرشاة المعـبـّـر عن النشوة وحُـمَّى الإلهام المتدفّـق وتأجّـج الوجْـدان أمام توهّـج الضياء، فإذا أجساد الفتيات وجدائل شعورهن تـَـتحوّل إلى ما يشبه أطيافاً من الأصداف، وتغدو الشجيرات والأغصان كتلاً رفـّـافة وكأنها السـّـحب في خفّـتها، ولم تعد المياه جارية منسابة بل راغية مُـزبدة. ولم تعد اللوحة تنطوي على ماديات، فكل ما فيها من طبيعة يصّاعد مهوّماً كالبخار، كما لم تعد الصّبايا يخضعن لقانون الجاذبية الأرضية مشكـّـلات طاقة مفعمة بالحيوية والمرح الوثـّـاب. لقد تجاوز فراجونار في هذه اللوحة المثل الأعلى للرقّة الحسيّة المألوفة في عصره متدثّـراً بغنائية وِحْـدة الوجود التي اعتنقها كبار الفنانين أمثال روبنز ورينوار.

0 التعليقات: